كتاب: فيض القدير شرح الجامع الصغير من أحاديث البشير النذير **

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فيض القدير شرح الجامع الصغير من أحاديث البشير النذير **


<تنبيه> قال القاضي‏:‏ هذه الفاآت الثلاث الأولى للعطف والثانية جواب الشرط دخل على الأمر والثالثة فاء السببية دخلت الجملة لتدل على أن ما بعده علة للأمر بالاستنثار‏.‏

- ‏(‏ق ن عن أبي هريرة‏)‏ ورواه عنه أيضاً ابن خزيمة‏.‏

437 - ‏(‏إذا استيقظ أحدكم‏)‏ أي رجعت روحه لبدنه بعد نومه ‏(‏فليقل ندباً الحمد لله‏)‏ أي الثناء على الله سبحانه وتعالى ‏(‏الذي ردّ علي روحي‏)‏ احساسي وشعوري، والنوم أخو الموت، قال الله تعالى ‏{‏الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها‏}‏ الآية، ومن ثم قيل النوم موت خفيف والموت نوم ثقيل ‏(‏وعافاني‏)‏ سلمني من الآفات والبلاء ‏(‏في جسدي‏)‏ أي بدني وظاهره أنه يقوله وإن كان مريضاً أو مبتلى لأنه ما من بلاء إلا وفوقه أعظم منه ‏(‏وأذن لي بذكره‏)‏ أي فيه بأن أيقظ قلبي وأجري لساني به، وفيه ندب الذكر عند الانتباه من النوم وأفضله المأثور وهو كثير ومنه هذا المذكور‏.‏

- ‏(‏ابن السني‏)‏ في اليوم والليلة ‏(‏عن أبي هريرة‏)‏ قال النووي سنده صحيح‏.‏ وقال ابن حجر‏:‏ حسن فقط لتفرد محمد بن عجلان به وهو سيء الحفظ وتبعه المؤلف فرمز لحسنه وظاهره اقتصاره على ابن السني أنه لم يخرجه أحد من السنة ولا كذلك بل رواه الترمذي والنسائي وقال مغلطاي ليس لحديثي عزو حديث في أحد الستة لغيرها إلا لزيادة ليست فيها أو لبيان سنده ورجاله‏.‏

438 - ‏(‏إذا أسلم العبد‏)‏ أي صار مسلماً بإتيانه بالشهادتين وانقياده للأحكام، هذا ما في النسخ، وفي رواية إذا أسلم الكافر، وهذا الحكم يشترك فيه الرجال والنساء، فذكره بلفظ المذكر تغليب ‏(‏فحسن اسلامه‏)‏ أي قرن الإيمان بحسن العمل وقيل بأن أخلص فيه وصار باطنه كظاهره واستحضر عند عمله قرب ربه منه واطلاعه عليه ‏(‏يكفر الله عنه‏)‏ بالرفع لأن إذا وإن كانت أداة شرط لا تجزم إلا في الضرورة واستعمل الجواب مضارعاً لأن الشرط بمعنى الاستقبال وإن كانت بلفظ الماضي ذكره ابن حجر وغيره، وقال الكرماني‏:‏ الرواية إنما هي بالرفع وإن جاز الجزم‏.‏ قال الزمخشري‏:‏ والتكفير إماطة المستحق من العقاب بثواب أزيد أو بتوبة وفي رواية كفر الله فواخى بينهما ‏(‏كل سيئة كان زلفها‏)‏ قال الخطابي بالتخفيف وقال النووي بالتشديد أي قدمها من الزلف وهو التقديم وفي رواية النسائي أزلفها أي محى عنه كل خطيئة قدمها على إسلامه بأن يغفر له ما تقدم من ذنبه لأن الإسلام يجب ما قبله لكن الكلام في خطيئة متعلقة بحق الله تعالى من العقوبات بخلاف الحق المالي نحو كفارة ظهار ويمين وقتل فإنه لا يسقط ‏(‏وكان بعد ذلك‏)‏ أي بعد ما علم من المجموع أو بعد حسن الإسلام ‏(‏القصاص‏)‏ المقاصصة والمجازاة واتباع كل عمل بمثله والقصاص مقابلة الشيء بالشيء أي كل شيء يعمل يوضع في مقابلة شيء آخر إن خيراً فخير وإن شراً فشر وهو بالرفع اسم كان ويجوز جعلها تامّة وعبر بالمعاصي لتحقق الوقوع، ثم فسر القصاص بقوله ‏(‏الحسنة بعشر أمثالها‏)‏ مبتدأ وخبر والجملة استئنافية تقديره تكتب بعشر أمثالها كما يدل له خبر‏:‏ اكتبوها لعبدي عشراً ‏(‏إلى سبع مئة ضعف‏)‏ أي ‏[‏ص 281‏]‏ منتهية إلى ذلك وأخذ الماوردي بظاهر الغاية فزعم أن نهاية التضعيف سبع مئة ورد بعموم قوله تعالى ‏{‏والله يضاعف لمن يشاء‏}‏ وبخبر البخاري كتب الله له عشر حسنات إلى سبع مئة ضعف إلى أضعاف كثيرة ‏(‏والسيئة بمثلها‏)‏ أي فيؤاخذ بها مؤاخذة مثلها فلا يزاد عليها فضلاً منه تعالى حيث جعل الحسنة بعشر والسيئة كما هي ‏(‏إلا أن يتجاوز الله عنها‏)‏ بقبول التوبة أو بالعفو عن الجريمة قال الطيبي‏:‏ فقوله السيئة بمثلها هو المراد بالقصاص لأن المثلية معتبرة فيه وأن السيئة هي التي تنقص في الشرع مجازاة بمثل ما فعله من نحو جرح وقتل فيؤخذ الجاني بما جنى منه بغير زيادة انتهى وفي أول الحديث رد على من ينكر زيادة الإيمان ونقصه لأن الحسن تتفاوت درجاته وفي آخره رد على الخوارج المكفرين بالذنوب والمعتزلة الموقنين بخلود المؤمن في النار‏.‏ وقال ابن حجر‏:‏ ثبت في جميع الروايات ما سقط في رواية البخاري وهو كتابة الحسنات المتقدمة قبل الإسلام فقيل أسقطه لاشكاله لأن الكافر لا تصح عبادته لفقد النية ورده النووي بأن الذي عليه المحققون بل حكي عليه الإجماع أنه إذا فعل قربة كصدقة وصلة ثم أسلم أثيب عليها‏.‏ قال ابن حجر‏:‏ ويحتمل أن القبول يعلق على إسلامه فإن أسلم أثيب وإلا فلا وهذا أقوى‏.‏

- ‏(‏خ ن‏)‏ وكذا الدارقطني في غرائب مالك والبزار وسمويه والإسماعيلي والحسن بن أبي سفيان ‏(‏عن أبي سعيد‏)‏ الخدري وقضية صنيع المؤلف أن البخاري خرجه مسنداً وهو ذهول بل علقه فقال‏:‏ وقال مالك عن زيد بن أسلم عن عطاء عن أبي سعيد يرفعه انتهى‏.‏ قال ابن حجر‏:‏ ولم يوصله في موضع آخر من الكتاب ووصله أبو ذر ورواه سمويه عنه بلفظ إذا أسلم العبد كتب الله له كل حسنة قدمها ومحا عنه كل سيئة أزلفها‏.‏

439 - ‏(‏إذا أشار الرجل‏)‏ أي حمل كما بينته رواية من حمل علينا السلاح ‏(‏على أخيه‏)‏ في الإسلام وإن كان أجنبياً ‏(‏بالسلاح‏)‏ بالكسر آلة القتال والحرب كسيف وقوس والمراد أنه حمل عليه السلاح ليقتله وكان قصد المحمول عليه قتل الحامل أيضاً ‏(‏فهما على جرف‏)‏ بالجيم وضم الراء وسكونها وبحاء مهملة وسكون الراء جانب أو طرف ‏(‏جهنم‏)‏ أي هما قريب من السقوط فيها ‏(‏فإذا قتله وقعا فيها جميعاً‏)‏ أما القاتل فظاهر وأما المقتول فلقصده قتل أخيه وفيه أن من نوى معصية وأصر أثم وإن لم يفعلها‏.‏

- ‏(‏الطيالسي‏)‏ أبو داود ‏(‏عن أبي بكرة‏)‏ الثقفي ورواه عنه الطبراني وغيره ورمز المصنف لصحته‏.‏

440 - ‏(‏إذا اشتد‏)‏ أي قوي ‏(‏الحر فأبردوا‏)‏ من الإبراد أي الدخول في البرد فالباء في ‏(‏بالصلاة‏)‏ للتعدية وقيل زائد، أي أدخلوا الصلاة في البرد والمراد صلاة الظهر كما بينته الرواية المارة أي أخروها إلى انحطاط قوة الوهج من حر الظهيرة إلى أن يقع للحيطان ظل يمشي فيه قاصد الجماعة بشروط مر التنبيه عليها وأشار إلى بعض منها بقوله ‏(‏فإن شدة الحر من فيح جهنم‏)‏ أي من سطوع حرها وثوران لهبها وانتشاره سميت جهنم لبعد قعرها وهي عربية أو معربة فارسية أو عبرانية واستشكل بأن فعل الصلاة مظنة وجود الرحمة ففعلها مظنة طرد العذاب فكيف أمر بتركها‏؟‏ وأجيب بأن وقت صهور الغضب لا ينجع فيه الطلب إلا ممن أذن له فيه وفي رواية البخاري بدل بالصلاة عن الصلاة‏.‏ قال الكرماني‏:‏ والباء هي الأصل وأما عن ففيه تضمين معنى التأخير أي تأخروا عنها مبردين وقيل هما بمعنى وعن تطلق بمعنى الباء كرميت عن القوس أي بها وقال اليعمري والولي العراقي عن بمعنى الباء أو زائدة أي أبردوا الصلاة‏.‏

- ‏(‏حم ق 3 عن أبي هريرة حم ق د ت عن أبي ذر ق عن ابن عمر‏)‏ بن الخطاب قال المؤلف‏:‏ والحديث متواتر‏.‏

‏[‏ص 282‏]‏ 441 - ‏(‏إذا اشتد كلب‏)‏ بالتحريك ‏(‏الجوع‏)‏ في القاموس الأكل الكثير بلا شبع الظاهر أن لفظ الكلب هنا مقحم للتأكيد ‏(‏فعليك‏)‏ يا أبا هريرة والحكم عام ‏(‏برغيف‏)‏ فعيل بمعنى مفعول إذ الرغيف جمعك العجين تكتله بيدك مستديراً ذكره الزمخشري قال‏:‏ ومن المجاز وجه مرغف غليظ ‏(‏وجر‏)‏ بفتح الجيم منوناً جمع جرة إناء معروف ‏(‏من ماء القراح‏)‏ كسحاب، الخالص الذي لا يشوبه شيء ‏(‏وقل‏)‏ لنفسك مزهداً لها بلسان القال أو الحال بأن تجرد منها نفساً تخاطبها بقولك ‏(‏على‏)‏ متاع ‏(‏الدنيا وأهلها الدمار‏)‏ بفتح المهملة وخفة الميم الهلاك يعني أنزلهم منزلة الهالكين فلا أنزل بهم حاجاتي ولا أتواضع لهم لغناهم لأنهم في نفس الأمر لا يقدرون على شيء فليس المراد الدعاء عليهم بالهلاك بل أنزلهم منزلة الموتى الهلكى فإن من هلك لا يقدر على شيء وكذا الدنيا وأهلها‏.‏ والقصد الحث على التقنع باليسير والزهد في الدنيا والإعراض عن شهواتها‏.‏

- ‏(‏عد هب عن أبي هريرة‏)‏ وفيه الحسين بن عبد الغفار قال الدارقطني متروك والذهبي متهم وأبو يحيى الوقاد قال الذهبي كذاب‏.‏

442 - ‏(‏إذا اشتد الحر فاستعينوا‏)‏ على دفع أذاه ‏(‏بالحجامة‏)‏ لغلبة الدم حينئذ ‏(‏لا يتبيغ‏)‏ أي لئلا يهيج ‏(‏الدم بأحدكم فيقتله‏)‏ وفيه حث على التداوي فهو سنة ولو بالحجامة وذلك لا ينافي التوكل كما مر ويأتي‏.‏

- ‏(‏ك‏)‏ في الطب ‏(‏عن أنس‏)‏ وقال صحيح وأقره الذهبي وهو مما بيض له الديلمي‏.‏

443 - ‏(‏إذا اشترى أحدكم بعيراً‏)‏ بفتح الموحدة وقد تكسر وعبر به دون الجمل لأن البعير يشمل الأنثى بخلافه وقصده التعميم ‏(‏فليأخذ‏)‏ ندباً عند تسلمه ‏(‏بذروة‏)‏ بالضم والكسر ‏(‏سنامه‏)‏ أي بأعلى علوه وسنام كل شيء أعلاه وقوله فليأخذ يحتمل أن المراد به فليقبض على سنامه بيده والأولى كونها اليمنى ويحتمل أن المراد فليركبه ‏(‏وليتعوذ بالله من الشيطان‏)‏ الرجيم لأن الإبل من مراكب الشيطان، فإذا سمع الاستعاذة فر‏.‏ وظاهر الحديث أنه يقتصر على الاستعاذة لكن في حديث آخر ما يفيد أنه يندب الإتيان معها بالبسملة وفي آخر أنه يدعو بالبركة روى ابن ماجه عن ابن عمر رضي الله عنهما إذا اشترى أحدكم الجارية فليقل اللهم إني أسألك خيرها وخير ما جبلتها عليه وأعوذ بك من شرها وشر ما جبلتها عليه وليدع بالبركة وإذا اشترى بعيراً فليأخذ بذروة سنامه وليدع بالبركة وليقل مثل ذلك انتهى، هذا ويحتمل أن الأمر بالاستعاذة إنما هو لما في الإبل من العز والفخر والخيلاء كما يأتي إن شاء الله تعالى فهو استعاذة من شر ذلك الذي يحبه الشيطان ويأمر به ويحث عليه، والاشتراء بذل الثمن لتحصيل عين فإن كان أحد العوضين ناضاً فهو الثمن وإلا فبأي العوضين تصور بصورة الثمن فباذله مشتر وآخذه بائع ولهذا عدت الكلمتان من الأضداد ويستعار للإعراض عما بيده محصلاً به غيره من المعاني أو الأعيان وقد يتسع فيه فيستعمل للرغبة عن الشيء طمعاً في غيره‏.‏

- ‏(‏د‏)‏ في النكاح ‏(‏عن ابن عمر‏)‏ بن الخطاب رمز المؤلف لحسنه قال في الفردوس وفي الباب أبو هريرة رضي الله عنه‏.‏

‏[‏ص 283‏]‏ 445 - ‏(‏إذا اشترى أحدكم لحماً‏)‏ فطبخه ‏(‏فليكثر مرقته‏)‏ بفتح الراء وقد تسكن والأمر ندبي أو إرشادي ‏(‏فإن لم يصب أحدكم لحماً‏)‏ أي شيئاً منه لكثرة الآكلين ‏(‏أصاب مرقاً وهو أحد اللحمين‏)‏ لأنه ينزل منه في المرق بالغليان قوت يحصل به الغذاء قال الحافظ العراقي واشترى خرج مخرج الغالب فلا مفهوم له فالحكم كذلك إن اشترى له أو أهدى له أو تصدق به عليه وغير ذلك ففي كل ذلك يستحب طبخه لإكثار المرق وفيه أن اللحم المطبوخ أفضل من المشوي لعموم نفعه بل قال بعضهم إن في أكل المشوي ضرراً من جهة الطب وفيه إيماء إلى الحث على مواساة العيال والإخوان والجيران ومنع الاستبداد وفيه شجاعة للنفس عن تجنب البخل وأن لا يلتفت إلى وعد الشيطان ذهاب الغنى وإتيان الفقر وحث على القناعة والاكتفاء بما تيسر‏.‏

- ‏(‏ت ك‏)‏ في الأطعمة ‏(‏هب‏)‏ كلهم ‏(‏عن عبد الله المزني‏)‏ قال الترمذي غريب وقال الحاكم صحيح وتعقبه الذهبي بأن فيه محمد بن فضالة الأزدي ضعفوه ورواه البيهقي وزاد وليغرف للجيران‏.‏

446 - ‏(‏إذا اشتريت نعلاً‏)‏ أي حذاء يقي قدمك من الأرض قال في المصباح ويطلق على التاسومة ويظهر أن يلحق به الخف ‏(‏فاستجدها‏)‏ بسكون الدال الخفيفة أي اتخذها جيدة كما يدل له خبر إن أحدنا يحب أن يكون ثوبه حسناً وأن تكون نعله حسنة لا من الجديد المقابل للقديم وإلا لقال استجدها بالتشديد والرواية بخلافه ‏(‏وإذا اشتريت ثوباً‏)‏ قميصاً أو جبة أو عمامة أو رداء ‏(‏فاستجده‏)‏ فيه العمل المقرر والأمر إرشادي والظاهر أن المراد باستجادة النعل أو الثوب كونه صفيقاً محكم الصنعة يبقى مدة مديدة للانتفاع به عادة لا كونه من نعال أو ثياب المترفين المتصلفين المبالغين في التعمق في التزين‏.‏

- ‏(‏طس عن أبي هريرة وعن ابن عمر بزيادة وإذا اشتريت دابة‏)‏

أي إذا أردت شراء دابة للركوب من فرس أو بعير أو بغل أو حمار ‏(‏فاستفرهها‏)‏ بهمزة وصل أي اجتهد أن تكون ذات نشاط وخفة وسرعة يقال حمار وبرذون فاره بين الفروهة والفراهة والفره النشاط والخفة والأمر إرشادي ‏(‏وإذا كانت عندك كريمة قوم‏)‏ أي زوجة أو سرية كريمة من قوم كرام ‏(‏فأكرمها‏)‏ بأن تفعل بها ما يليق بمنصب آبائها وعصباتها، وخص المذكورات لأن عليها مدار نظام الأمور الدنيوية وألزم الأشياء للإنسان قال الهيتمي فيه أبو أمية بن يعلى وهو متروك‏.‏

447 - ‏(‏إذا اشتكى المؤمن‏)‏ أي أخبر عما يقاسيه من ألم المرض، هذا أصله، والمراد هنا إذا مرض، سمى المرض شكوى لأنه يشكو منه غالباً إلى غيره، وقوله المؤمن إشارة إلى البالغ في الإيمان الذي كملت فيه أخلاقه لأنه الذي يتلقاه بحسن صبر ورضا ‏(‏أخلصه‏)‏ ذلك ‏(‏من الذنوب‏)‏ أي الصغائر قياساً على النظائر ‏(‏كما تخلص الكير خبث الحديد‏)‏ أي صفاه تألمه بمرضه من ذنوبه كتصفية الكير للحديد من الخبث فإسناد التصفية إلى المرض مجازية كأنبت الربيع البقل فإن أسند الفعل إلى الله فهو على الحقيقة قال الحراني‏:‏ وهذا فيما إذا تلقى العبد المرض على أنه طهرة وكفارة فحينئذ ينشيء الله له التصبر فيعاجله بفضل الله الشفاء ويبدل عوض ما أخذه المرض الصحة المباركة والخلق الأطيب كما يحقق بالتجربة لذوي البصائر، وقال الحكيم الترمذي‏:‏ المريض قد توسخ وتدنس وتكدر طيبه فأبى الله أن يضيعه فسلط عليه السقم حتى إذا تمت مدة التمحيص خرج منها كالبردة في الصفاء وفي وجهه طلاوة وحلاوة وقد تقدم أمر الله إلى العباد أن يحفظوا جوارحهم عن الدنس ليصلحوا لجوار القدس فتركوا الرعاية وضيعوا الحفظ فدلهم على ‏[‏ص 284‏]‏ أن يتطهروا بالتوبة فلم يفعلوا وأصروا على جهد من نفوسهم الشهوانية ثم دعاهم إلى الفرائض ليتطهروا بها فخلطوها وغشوها وأدّوها على النقصان والوسوسة والمكاسب الرديئة فلم تكن مطهرة لهم إذ لا تطهر النجاسة بالنجاسة ولا ينقى الدنس بالوسخ فلما رأى حالتهم هذه رحمهم فداواهم بالأسقام ليطهرهم فإذا قابل المريض ذلك بالصبر أخرجه صافياً طاهراً‏.‏

- ‏(‏خد حب طس عن عائشة‏)‏ رضي الله تعالى عنها قال الهيتمي رجاله ثقات إلا أني لم أعرف شيخ الطبراني‏.‏

448 - ‏(‏إذا اشتكيت‏)‏ أي مرضت ‏(‏فضع يدك حيث تشتكي‏)‏ على الموضع الذي يؤلمك ولعل حكمة الوضع أنه كبسط اليد للسؤال ‏(‏ثم قل‏)‏ ندباً ‏(‏بسم الله‏)‏ ظاهره أنه لا يزيد الرحمن الرحيم ويحتمل أن المراد البسملة بكمالها ‏(‏أعوذ‏)‏ أي أعتصم بحضور قلب وجمع همة‏.‏ قال الزمخشري‏:‏ والعياذ واللياذ من واد واحد ‏(‏بعزة الله وقدرته من شر ما أجد‏)‏ زاد في رواية لابن ماجه وأحاذر ‏(‏من وجعي هذا‏)‏ أي مرضي وألمي هذا تأكيد لطلب زوال الألم، وأخر التعوذ لاقتضاء المقام ذلك ‏(‏ثم ارفع يدك ثم أعد ذلك‏)‏ أي الوضع والتسمية والاستعاذة بهذه الكلمات ‏(‏وتراً‏)‏ أي ثلاثاً كما بينه في رواية مسلم وفي حديث آخر سبعاً كما يأتي إن شاء الله تعالى وفي أخرى التسمية ثلاثاً والاستعاذة سبعاً يعني فإن ذلك يزيل الألم أو يخففه بشرط قوة اليقين وصدق النية ويظهر أنه إذا كان المريض نحو طفل أن يأتي به من يعوذه ويقول من شر ما يجد هذا ويحاذر وإطلاق اليد يتناول اليسرى فتحصل السنة بوضعها لكن الظاهر من عدة أحاديث تعين اليمنى للتيمن أي إلا لعذر‏.‏ فإن قلت لم عبر بالوضع دون الألم‏؟‏ قلت‏:‏ إشارة إلى ندب الذكر المذكور وإن لم يكن المرض شديداً إذ الألم كما قال الراغب‏:‏ الوجع الشديد فلو عبر به اقتضى أن الندب مقيد بما إذا اشتد الوجع وأنه بدون الشدة غير مشروع وهذا الحديث من الطب الروحاني‏.‏

<تنبيه> قال بعض العارفين الحكمة في كون الرقي سبعاً وأنواع التعوذات سبعاً ما اجتمع فيه من فردية الأزواج في وتر الباء والسين والعين وزوجية الأفراد في شفع الواحد والثلاث والخمس والسبع بحروفها وهو الألف والجيم والهاء والزاي فتثلثت فيه الأزواج وتربعت فيه الأفراد فكمال السبع كمال عالم الابتداع فكان مجموع السبع كمالاً للحكمة وحجاباً للأحدية فوقع انحصار الأمر في عالم السبع ورد نحو هذا الحديث

- ‏(‏ت ك‏)‏ في الطب ‏(‏عن أنس‏)‏ رضي الله تعالى عنه قال الترمذي حسن غريب وقال الحاكم صحيح وأقره الذهبي وكما ورد ذلك من قوله ورد من فعله ففي مسلم من حديث عثمان بن أبي العاص كان يضع يده على الذي يألم من جسده ويقول بسم الله ثلاثاً ويقول أعوذ بعزة الله وقدرته من شر ما أجد وأحاذر قال الطيبي‏:‏ يتعوذ من وجع ومكروه أو مما يتوقع حصوله في المستقبل من حزن وخوف قال والحذر الاحتراز عن مخوف‏.‏

449 - ‏(‏إذا اشتهى مريض أحدكم شيئاً‏)‏ يأكله ‏(‏فليطعمه‏)‏ ما اشتهاه ندباً حيث لم يقطع بعظم ضرره له لأن المريض إذا تناول ما يشتهيه عن جوع صادق طبيعي وكان فيه ضرر مّا‏:‏ كان أنفع مما لا يشتهيه وإن كلن نافعاً في نفسه، فإن صدق شهوته ومحبته الطبيعية له يدفع ضرره وبغض الطبيعة وكراهتها للنافع قد يجلب له منها ضرراً وبهذا التوجيه الوجيه يعرف أنه لا حاجة لقول الطيبي هذا إما بناء على التوكل وأنه تعالى هو الشافي أو أن المريض قد شارف الموت انتهى‏.‏ ومن البين الذي لا يستراب فيه أن اللذيذ المشتهى تقبل الطبيعة عليه بعناية فتهضمه على أحد الوجوه لكن الكلام في شيء قليل يكسر حدة الشهوة أما الاكثار فالحذر الحذر‏.‏

- ‏(‏ه عن ابن عباس‏)‏ رضي الله تعالى عنهما قال‏:‏ عاد المصطفى صلى الله عليه وسلم رجلاً فقال‏:‏ ما تشتهي قال‏:‏ خبز بر فقال‏:‏ من كان عنده خبز بر فليبعث إلى أخيه ثم ذكره وفيه صفوان ابن هبيرة ضعفه الذهبي وقال شيخ بصري لا يعرف‏.‏

‏[‏ص 285‏]‏ 450 - ‏(‏إذا أصاب أحدكم مصيبة‏)‏ شدّة ونازلة وهي وقوع ما لا يوافق غرض النفس من المكروه فال أبو البقاء‏:‏ وياؤه منقلبة عن واو لأنها من صاب يصوب إذا نزل وجمعها مصائب على غير قياس وقياسه مصاوب ‏(‏فليقل‏)‏ ندباً وعند الصدمة الأولى آكد ‏(‏إنا‏)‏ معشر الخلائق ‏(‏لله‏)‏ الملك المحيط الذي نحن وأهلونا وأموالنا عبيد له ‏(‏وإنا إليه‏)‏ يوم انفراده بالحكم لا إلى غيره ‏(‏راجعون‏)‏ بالبعث والنشر، والمراد أن جميع أمورنا لا يكون شيء منها إلا به ‏(‏اللهم عندك‏)‏ قدم للاختصاص أي لا عند غيرك فإنه لا يملك الضر والنفع إلا أنت ‏(‏أحتسب‏)‏ أدّخر ثواب ‏(‏مصيبتي‏)‏ في صحائف حسناتي ‏(‏فآجرني‏)‏ بالمد والقصر يقال آجره يؤجره أثابه وكذا أجره يأجره والأمر منهما آجرني بهمزة قطع ممدودة وكسر الجيم كأكرمني وأجرني كأنصرني ‏(‏فيها وأبدلني بها خيراً منها‏)‏ والباء داخلة على المتروك تشبيهاً للابدال بالتبدل يعني أثبني بهذه المصيبة أي اجعل لي بدل ما فاتني شيئاً آخر أنفع منه‏.‏ وقال ابن القيم‏:‏ وذا من أبلغ علاج المصاب وأنفعه في عاجلته وآجلته لتضمن ذلك لأصلين عظيمين إذا استحضرهما المصاب سهلاها‏:‏ هما أن العبد وملكه ملك الله حقيقة وهو عند العبد عارية وأن مرجع العبد إلى مولاه الحق ولا بدّ أن يخلف الدنيا وراءه ويأتيه فرداً ومن هذا غايته كيف يفرح بموجود أو يأسف على مفقود، وقد عد بعضهم الاسترجاع من خصائص هذه الأمة لأن يعقوب عليه الصلاة والسلام لما أصابه ما أصابه لم يسترجع بل قال ‏{‏يا أسفا على يوسف‏}‏ وأنت خبير بأنه لا شاهد فيه لأنه بعد إرخاء العنان وفرض تسليم أنه لم يقله لا يلزم أن غيره من الأنبياء وأممهم لم يشرع لهم فظاهر قوله فليقل أن المراد به مرة واحدة فوراً وذلك في الموت عند الصدمة الأولى لكن يأتي في خبر أنه إذا تذكر المصيبة بعد زمن طويل فاسترجع أجرى له أجرها فيحمل ما هنا على الآكد‏.‏

- ‏(‏د‏)‏ في الجنائز ‏(‏ك عن أم سلمة‏)‏ رضي الله تعالى عنها هي بفتح المهملة واللام بنت أمية أم المؤمنين واسمها هند المخزومية وكانت ذات جمال بارع قالت لما احتضر أبو سلمة قال اللهم اخلفني في أهلي خيراً مني فلما قبض قلت إنا لله إلى آخره قال الترمذي حسن غريب‏.‏

451 - ‏(‏إذا أصاب أحدكم هم‏)‏ أطلق القاموس إنه الحزن وقال التوربشتي أنه الحزن الذي يذيب الإنسان قال والحزن خشونة في النفس لما يحصل فيها من الغم أخذاً من حزونة الأرض وعليه فالهم أخص وأبلغ من الحزن وقيل الهم مختص بالآتي والحزن بالماضي وقال المظهر الغم الحزن الذي يغم الرجل أي يصيره بحيث يقرب أن يغمى عليه والحزن أسهل منه ‏(‏أو لأواء‏)‏ بفتح فسكون فمد‏:‏ شدة وضيق معيشة ‏(‏فليقل‏)‏ ندباً ‏(‏الله الله‏)‏ وكرره استلذذاً بذكره واستحضاراً لعظمته وتأكيداً للتوحيد فإنه الاسم الجامع لجميع الصفات الجلالية والجمالية والكمالية ‏(‏ربي‏)‏ أي المحسن إليّ بإيجادي من العدم وتوفيقي لتوحيده وذكره والمربي لي بجلائل نعمه والمالك الحقيقي لشأني كله ثم أفصح بالتوحيد وصرح بذكره المجيد فقال ‏(‏لا أشرك به شيئاً‏)‏ وفي رواية لا شريك له أي في كماله وجلاله وجماله وما يجب له وما يستحيل عليه والمراد أن ذلك يفرج الهم والغم والضنك والضيق إن صدقت النية وخلصت الطوية ‏(‏تتمة‏)‏ وقع أن عبد الرحمن ابن زياد بن أنعم المحدث الراحلة رضي الله تعالى عنه أسرته الروم في جماعة في البحر وساروا به إلى قسطنطينية فرفعوه إلى الطاغية فبينما هم في حبسه إذ غشيهم عيد فأقبل عليهم فيه من الحار والبارد ما يفوق المقدار إذ دخلت امرأة نفيسة على الملك وأخبرت بحسن صنيعه بالعرب فمزقت ثيابها ونثرت شعرها وسودت وجهها وأقبلت نحوه فقال‏:‏ مالك‏.‏ قالت‏:‏ إن العرب قتلوا ابني وأخي وزوجي وتفعل بهم الذي رأيت فأغضبه فقال‏:‏ عليّ بهم فصاروا بين يديه مسمطين فضرب السياف عنق واحد واحد حتى قرب من عبد الرحمن فحرك شفتيه فقال‏:‏ الله الله ربي لا أشرك به شيئاً فقال‏:‏ ‏[‏ص 286‏]‏ قدموا شماس العرب أي عالمهم فقال‏:‏ ما قلت فأعلمه فقال‏:‏ من أين علمته فقال‏:‏ نبينا صلى الله عليه وسلم أمرنا به فقال‏:‏ وعيسى عليه الصلاة والسلام أمرنا بهذا في الإنجيل فأطلقه ومن تبعه‏.‏

- ‏(‏طس عن عائشة‏)‏ رضي الله تعالى عنها قالت‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لنفر من بني هاشم هل معكم أحد من غيركم‏.‏ قالوا‏:‏ لا إلا ابن أختنا ومولانا فذكره، رمز المؤلف لحسنه مع أن فيه محمد بن موسى البربري قال في الميزان‏:‏ عن الدارقطني غير قوي وفي اللسان ما أحد جمع من العلم ما جمع وكان لا يحفظ إلا حديثين انتهى لكن له شواهد‏.‏

452 - ‏(‏إذا أصاب أحدكم مصيبة فليذكر‏)‏ أي يتذكر ‏(‏مصيبته بي‏)‏ أي بفقدي من بين أظهر هذه الأمة وانقطاع الوحي والإمداد السماوي ‏(‏فإنها من أعظم‏)‏ وفي رواية من أشد ‏(‏المصائب‏)‏ بل هي أعظمها بدليل خبر ابن ماجه إن أحداً من أمتي لن يصاب بمصيبة بعدي أشد عليه من مصيبتي وكونها من أعظم لا ينافي كونها أعظم إذ بعض الأعظم قد يكون أعظم بقية أفراده‏.‏ ألا ترى إلى قول أنس رضي الله تعالى عنه كان النبي صلى الله عليه وسلم من أحسن الناس خلقاً مع كونه أحسنهم خلقاً إجماعاً ولم ينتبه لهذا من تكلف وزعم زيادة من وإنما كانت أعظم المصائب لانقطاع الوحي وظهور الشر بارتداد العرب وتحزب المنافقين وكان موته أول نقصان الخير قال أنس رضي الله تعالى عنه ما نفضنا أيدينا من التراب من دفنه حتى أنكرنا قلوبنا ومن أحسن ما كتب بعضهم لأخيه يعزيه بابنه ويسليه قوله‏:‏

اصبر لكل ملمة وتجلد * واعلم بأن المرء غير مخلد

وإذا ذكرت محمداً ومصابه * فاذكر مصابك بالنبي محمد

مقصود الحديث أن يذكر المصاب وقوع المصيبة العظمى العامة بفقد المصطفى صلى الله عليه وسلم يهون عليه ويسليه فلا ينافي ذلك الخبر الآتي إن الله إذا أراد رحمة أمة قبض نبيها قبلها لاختلاف الاعتبار‏.‏

- ‏(‏عد هب عن ابن عباس‏)‏ رضي الله تعالى عنهما وفيه قطر بن خليفة الذهبي عن السعدي زائغ وشرحبيل بن سعد متهم ‏(‏طب عن سابط‏)‏ ابن أبي حميصة بن عمر القرشي ‏(‏الجمحي‏)‏ بضم الجيم وفتح الميم وكسر المهملة نسبة إلى بني جمح بطن من قريش وفيه أبو بردة عمرو بن يزيد ضعيف ولذلك رمز المؤلف لضعفه لكن له شواهد‏.‏

453 - ‏(‏إذا أصبحت‏)‏ أي دخلت في الصباح قال في الكشاف الإصباح بمعنى الصيرورة ‏(‏آمناً‏)‏ بالمد أي ذا أمن ‏(‏في سربك‏)‏ بكسر أوله المهمل أي نفسك وبفتحات مسلكك وطريقك ‏(‏معافى في بدنك‏)‏ من أنواع البلايا وصنوف الرزايا ‏(‏عندك قوت يومك‏)‏ أي مؤنتك ومؤنة من تلزمك نفقته ذلك اليوم ‏(‏فعلى الدنيا العفاء‏)‏ بالفتح والتخفيف الدروس وذهاب الأثر وفيه تزهيد في الدنيا وترغيب في التقلل منها والاكتفاء بالكفاف وهذا من أقوى أدلة من فضل الفقر على الغنى‏.‏

- ‏(‏هب عن أبي هريرة‏)‏ رضي الله تعالى عنه وفيه سلام بن سليم عن إسماعيل بن رافع قال العلائي‏:‏ ضعيفان جداً وقال الذهبي إسماعيل ضعيف متروك لكن له شواهد منها للبخاري في الأدب المفرد‏.‏

454 - ‏(‏إذا أصبح ابن آدم‏)‏ دخل في الصباح ‏(‏فإن الأعضاء‏)‏ جمع عضو بضم العين وكسرها كل عظم وافر بلحمه ‏(‏كلها‏)‏ تأكيد لدفع توهم عدم إرادة الشمول ‏(‏تكفر اللسان‏)‏ تذل وتخضع له من قولهم كفر اليهودي إذا خضع وطأطأ رأسه وانحنى لتعظيم صاحبه مأخوذ من الكافرة وهي الكاذبة التي هي أصل الفخذ ذكره القاضي وأصله للزمخشري ‏[‏ص 287‏]‏ حيث قال وهو من تكفير الذمي وهو أن يطأطئ رأسه ويحني ظهره كالراكع عند تعظيم صاحبه قال‏:‏

تكفر باليدين إذا التقينا * وتلقى من مخافتنا عصاكا

كأنه من الكافرتين وهما الكاذبتان لأنه يضع يديه عليهما أو ينثي عليهما أي يحكي في ذلك من يكفر شيئاً أي يغطيه ويستره انتهى ‏(‏فتقول‏)‏ أي بلسان الحال وزعم أن المراد لسان القال جمود ‏(‏اتق الله فينا‏)‏ أي خفه في حفظ حقوقنا فلا تقتحم منهياً فيهلك معك ‏(‏فإنما نحن بك‏)‏ أي نستقيم ونعوج تبعاً لك ‏(‏فإن استقمت‏)‏ أي اعتدلت على الصراط المستقيم ‏(‏استقمنا‏)‏ اعتدلنا وفي التنزيل ‏{‏وكان بين ذلك قواماً‏}‏ أي عدلاً ‏(‏وإن اعوججت‏)‏ ملت عن الاعتدال ‏(‏اعوججنا‏)‏ ملنا عنه قال الغزالي رضي الله تعالى عنه‏:‏ المعنى فيه أن نطق اللسان يؤثر في أعضاء اإنسان بالتوفيق والخذلان فاللسان أشد الأعضاء جماحاً وطغياناً وأكثرها فساداً وعدواناً ويؤكد هذا المعنى قول مالك بن دينار رضي الله تعالى عنه إذا رأيت قساوة في قلبك ووهناً في بدنك وحرماناً في رزقك فاعلم أنك تكلمت فيما لا يعنيك، قال الطيبي‏:‏ وهذا لا تناقض بينه وبين خبر إن في الجسد لمضغة إذا صلحت صلح الجسد إلى آخره لأن اللسان ترجمان القلب وخليفته في ظاهر البدن فإذا أسند إليه الأمر فهو مجاز في الحكم كقولك سقى الطبيب المريض الدواء قال الميداني‏:‏ المرء بأصغريه قلبه ولسانه أي تقوم معانيه بهما قال الشاعر‏:‏

لسان الفتى نصف فؤاده * فلم يبق إلا صورة اللحم والدم

- ‏(‏ت‏)‏ في الزهد ‏(‏وابن خزيمة‏)‏ في صحيحه ‏(‏هب عن أبي سعيد‏)‏

الخدري قال العراقي‏:‏ ووقع في الإحياء عن سعيد بن جبير مرفوعاً وإنما هو عن سعيد بن جبير عن أبي سعيد ورواه الترمذي موقوفاً على حماد وقال هذا أصح ومع ذلك إسناد الرفع جيد لكن الموقوف أجود والله أعلم‏.‏

455 - ‏(‏إذا أصبحتم‏)‏ أي قاربتم الدخول في الصباح والصباح أول النهار وهو من طلوع الفجر وقبل الشمس، والمساء من الغروب وقبل الزوال لكن في ذيل فصيح ثعلب للبغدادي الصباح من نصف الليل الأخير إلى الزوال والمساء منه إلى آخر نصف الليل الأول ‏(‏فقولوا‏)‏ ندباً ‏(‏اللهم بك‏)‏ قدمه للاختصاص والباء للاستعانة أو المصاحبة أو السببية أي بسبب إنعامك علينا بالإيجاد والإمداد ‏(‏أصبحنا وبك أمسينا‏)‏ دخلنا في المساء والباء تتعلق بمحذوف وهو خبر أصبح ولا بد من تقدير مضاف أي أصبحنا وأمسينا متلبسين بنعمتك أو بحياطتك وكلاءتك أو بذكرك واسمك ‏(‏وبك نحيا وبك نموت‏)‏ حكاية عن الحال الآتية أي يستمر حالنا على هذا في جميع الأزمان وسائر الأحيان إلى أن نلقاك ‏(‏وإليك‏)‏ لا إلى غيرك ‏(‏المصير‏)‏ المرجع في نيل الثواب مما نكتسبه في حياتنا‏.‏

- ‏(‏ه وابن السني‏)‏ في عمل يوم وليلة ‏(‏عن أبي هريرة‏)‏ رضي الله عنه رمز المؤلف لحسنه تبعاً للترمذي وله شواهد ترقيه إلى الصحة فإنه كما ورد من قوله ورد من فعله روى أبو داود والترمذي أنه كان يقول ذلك إذا أصبح اللهم بك أصبحنا وبك أمسينا وبك نحيا وبك نموت وإليك النشور وإذا أمسى قال اللهم بك أمسينا وبك أصبحنا وبك نحيا وبك نموت وإليك المصير انتهى وبه يعلم أن في الحديث المشروح اختصاراً‏.‏

456 - ‏(‏إذا اصطحب‏)‏ أي تلازم وكل شيء لازم شيئاً فقد اصطحب ‏(‏رجلان مسلمان‏)‏ ذكر الرجل غالبي فالانثيان والرجل مع محرمه أو حليلته كذلك ‏(‏فحال‏)‏ أي حجز ‏(‏بينهما شجر‏)‏ هو ما له ساق صلب يقوم به والمراد هنا ما يمنع الرؤية ‏(‏أو حجر‏)‏ بالتحريك أي صخرة ‏(‏أو مدر‏)‏ جمع مدرة كقصبة تراب ملبد أو قطع طين يابسة أو نحو ذلك ‏(‏فليسلم ‏[‏ص 288‏]‏ أحدهما على الآخر‏)‏ لأنهما يعدان عرفاً متفرقين ‏(‏ويتباذلوا‏)‏ بذال معجمة من البذل أي والعطاء أي يعطي كل منهما لصاحبه والقياس يتباذلا ولعله إشارة إلى أن الاثنين مثال وأن الجماعة كذلك ‏(‏السلام‏)‏ ندباً للمبتدئ ووجوباً للراد ومثل الاثنين فيما ذكر الجمع وفيه أن السلام يتكرر طلبه بتكرر التلاقي ولو على قرب جداً ويندب إذا التقى اثنان أن يحرص كل منهما على أن يكون البادئ بالسلام وأن يسلم الراكب على الماشي والماشي على الواقف والصغير على الكبير والقليل على الكثير وإن عكس فخلاف السنة لا مكروه‏.‏

- ‏(‏هب عن أبي الدرداء‏)‏ رضي الله عنه وفيه بقية رجاله مشهور ولكن له شواهد وذكر بعضهم أن المؤلف رمز لحسنه ولم أره في خطه‏.‏